الحلقة التاسعة
![]() |
| الحلقة التاسعة |
رابط قسم الروايات : الرواية
كلنا بشر .... متباينون ولكننا متساوون كلنا نتنفس الهواء وتحكمنا نفس آلية الجسد ونعيش تحت السماء وفوق الأرض ... لكنها المنح والعطايا من الله هى ما تشكل فرقا ليس فى المنح ولكن فى العطاء
فمن يُمنح فيعطى غير من يُمنح ويبخل
الكلمات هى مدلولات الأفعال ووصفها ... وأنا وهى قد أصبحنا لا نحتاج للكلمات ... كنت قد نسيت هذه الرابطة التى أصبحت تربطنا ولم أكن أعرف الى أى حد نمت فى داخلنا فقد تولدت للتو منذ لحظات قليلة حتى أننى كنت فى شك حقيقى منها ربما لأننا نحن الأثنان نتواصل مع يوسف بهذه الطريقة فأصبح بأمكاننا أن نتواصل سوياً بنفس الطريقة .. كنت فى غمرة أنفعالى قد نسيت كل هذا أو لم أعره أنتباهاً فالهبات تحتاج وقتاً حتى نستطيع التكيف معها وفهم مداها الحقيقى وهو مالم نكن نملكه هو .. الوقت ... لا أنا ولا هى .. كنت فى عجلة من أمرى حين قفزت الفكرة الى عقلى ولم أكن أعرف أنها تعلم ما يدور فى خلدى وألقيت القنبلة فى وجه الحضور شوكت بيه ووالدى الحاج عبد العاطى وأمى وأخى محمد وقد ساد الصمت والوجوم على وجه الجميع وهم ينظرون لى جميعهم ... وكأن طلبى ألجم ألسنتهم وأفكارهم .. وتغير كل هذا بعد صراخ أختى أسراء .. ودون وعى أنطلق الجميع الى الطرقة أما أنا فالرعشة تملكتنى ولكنى قاومتها وتحركت فى بطء لأتجه حيث يقف الجميع لأجد سحر ممدة بين يدى أسراء ويوسف يجلس الى جانبها وهو يبتسم .. لماذا يبتسم وماذا حدث لها .. هرعت أمى للمطبخ وأحضرت بصلة وقد هشمتها براحة يدها وناولتها لأختى وطلبت منها أن تقربها من أنف سحر كالعادات البدائية التى نتعامل بها فى الصعيد مع من يصيبه أغماء أو دوار .. كنت أقف فى آخر الصف الذى تشكل فى هذه الطرقة وداخلى خوف حقيقى عليها .. أود لو أتجاوز الجميع وأضمها الى صدرى .. لكن الحيرة والتردد والخوف عليها والخوف من خرق الآداب الصارمة التى تربينا عليها فى حضور أسرتى وخصوصاً والدى ... فلن يفهم أحد منهم هذا أو يقبله .. وبدأت تفتح عينيها وتحرك رأسها يميناً ويساراً للهروب من رائحة البصل التى أخترقت قنواتها الهوائية والجميع يهمهم : الحمد لله فاقت ... طلب أبى من أسراء أصطحابها الى الغرفة لتستريح ومد يده لشوكت بيه يطلب منه الرجوع الى مجلسهم وهو يقول : تعالى يا معالى المستشار والحاجة وأسراء هيخدوا بالهم منها ... تعالى أستريح .... وأمسك بيده ليستند شوكت بيه عليها الذى هز رأسه فى أستسلام وتحرك مع والدى الذى أزاحنى أنا ومحمد أمامه لنعود الى مجلسنا وأنا أحاول الألتفات للأطمئنان عليها فطلب منى بصيغة آمرة التحرك فلم أستطع غير العودة وأنا فى قلق وجلست فى مقعد بعيد منعزل قليلاً عنهم ووضعت رأسى بين يداى وأنا أتحسسها صلعاء من دون أى شعر أثر الجراحة التى أجريت لى .. وشعرت بيد صغيرة تمسك بيدى .. رفعت رأسى يوسف يقف أمامى وهو يبتسم قبلته وضممته وأجلسته الى جانبى وأنا أداعب شعره بيدى .. ولاحظت نظرة جانبية من أبى نحوى فنظرت نحوه ولكنى لم أفهم ما يفكر فيه .. وتمنيت لو أستطيع قراءة ما يدور بخلده فى هذه اللحظة لكن يبدو أننى لن أستطيع ... وجدت يوسف يطمأننى عليها ويشرح لى وهو فى قمة سعادته ... شعرت بهذا فقد أجتاحنى شعور بالسعادة أيضاً .. هى عرفت ما يدور بعقلى قبل أن أنطقه وأصارح الحضور برغبتى فى الأرتباط بها وما حدث كان من شدة فرحها التى لم تستطع التعبير عنها لوجودها بين أسرتى فأحتضنت يوسف بشدة وأصابتها الإغماءة ربما من شدة الأنفعال .. فحين نكبت مشاعرنا ونصير نضغظ عليها كثيراً تصبح ككرة مطاطية حين نرفع هذا الضغط عنها فجأة تظل تتخبط فى الجدران محدثة فوضى لا مثيل لها حتى تهدأ وتستقر ويبدو أن هذا ما حدث لسحر .. أقبل رأسه ووالدى ما زال يرمقنى من حين لأخر بنظرات متسائلة ... ووجدت شوكت بيه يطلب من والدى الأطمئنان عليها حتى يتمكنوا من المغادرة .. ووالدى يصر أن يتناولوا الغداء معهم .. وشوكت بيه يصر على الرفض .. فنادى والدى أسراء يسألها عن حالة سحر لتخبره أنها أصبحت بخير .. فيطلب منها شوكت بيه أن تخبرها أنهم سينصرفوا .. دخلت أسراء ووقف شوكت بيه ليسلم على والدى وأخى محمد وأقترب منى ليأخذ يوسف .. فأنتفضت وسألته فى رعونة طفل تعلق بشيئ بشدة وأصرارعن طلبى للزواج بسحر فوجدته يبتسم ابتسامة حانية ويربت على كتفى وهو يخبرنى أن الوقت غير مناسب .. وسقط فى يدى لماذا يفعل هذا بى ؟؟؟ وأمسك بيد يوسف ونظر لوالدى وهو يشكره على ضيافته .. يبدو أن للكبار عالم آخر غير الذى نعيشه فهم يحكمهم التأنى والتفكير الطويل والبحث عن الصواب والخطأ والعادات والتقاليد ونحن تحكمنا المشاعر لا غير ... خرجت سحر وهى تنظر فى حياء للأرض تحت موضع قدمها وكأنها تتحاشى النظر لى ولكل من حولى وخرجوا من الباب وهممت أن أتحرك خلفهم لأنال منها وداعى الخاص .. إلا أنه أستوقفتنى أشارة من أبى تعنى أن أبقى فى مكانى وطلب من محمد مرافقتهم للأسفل .. كان حنقى يزداد لكن لا بد من الطاعة وجلست مكانى وذهبوا وأغلقت أسراء الباب خلفهم وأستدارت نحوى وهى ترمقنى بنظرة مبتسمة خبيثة وهى تسألنى إن كنت أحتاج الى شيئ ما ؟؟ هززت رأسى فى أحباط لا أريد شيئ سأدخل لأنام ... نظر لى والدى نظرة متفحصة دون كلمة .. ودخلت الى غرفتى وأرتميت على سريرى ... كنت أشعر بأرهاق شديد وحاجة ملحة الى النوم يبدو أن الأحباط يرهق الجسد كما يرهق الروح وذهبت فى سبات عميق ...
سحر تقود السيارة وشوكت بيه يجلس الى جوارها وهو يسألها كيف جاءت الى منزلى قبلهم وكيف عرفت المنزل وهى تخبره بأنه بعد أن أبلغها بوجود حسن بمستشفى الشرطة صباحاً أنطلقت الى هناك لكنها لم تجدنى وأخبروها أننى توجهت للمنزل وهى تعرف مكان المنزل من رحلة البحث عنى خلال فترة غيابى فقد اتصلت بالجريدة وأستفسرت عن مكان منزلى وجاءت إليه من قبل أثناء بحثها هى ويوسف عنى وهكذا جاءت سريعاً ... وشوكت ينظر لها بتشكك ويسألها إن كانت قد جاءت الى منزلى من قبل وقابلتنى ؟؟ وكعادتها أنفعلت ودعست الفرامل بقوة وهى تنظر لوالدها بحدة وتسأله إن كان يشكك فى صدقها وأخلاقها ؟؟ ولم يجد شوكت بداً من الصمت فهو يعرف أبنته لن تكذب ولن تفعل شيئاً من شأنه المساس بكرامتها وسمعتها .. صمت قليلاً وهى أصبحت تقود السيارة فى أنفعال واضح .. نظر إليها وأخبرها أن حسن طلب يدها منه بطريقة غير لائقة وأحرجه أمام أهله ... العجيب أنها لم تسمع غير الشطر الأول من الجملة ... وأرتسمت أبتسامة فرحة على وجهها ولم ترد بحرف واحد على ما قاله والدها ... فأعاد الكلام عليها مرة أخرى وفوجئ بها تبرر له عفوية حسن وأنه لم يقصد أحراجه وظلت تثرثر عن حسن دون شعور أنه أنسان متزن ومن أسرة طيبة وتعدد فى مآثره وكأنه أسطورة بشرية من الأساطير وهو يستمع لها فى إصغاء وتركها تخرج كل ما بداخلها وربت على كتفها لتكف عن الكلام : خلاص عرفنا خلى بالك من الطريق .. نظرت لوالدها وهى تبتسم وهى تسأله : هو حضرتك رأيك أيه ؟؟؟ نظر لها وأبتسم ليطمئنها وأخبرها أن الطريقة والمكان والظروف لم تكن مناسبة فقط لمثل هذا فأهله للمرة الأولى يعرفوننا ونعرفهم وهذه الأشياء وخصوصا بالنسبة لأهل حسن لها تقاليد وعادات وأصول لا يمكن تجاهلها ... سألته فى فرح حقيقى : يعنى حضرتك موافق ... ومالت ناحيته وطبعت قبلة على خده وهو ينهرها لتنتبه للطريق وقفز يوسف من الخلف وتعلق بعنقه وطبع قبلة على خد شوكت بيه .. الذى نظر له متسائلاً : وانت كمان موافق ؟؟ هز يوسف رأسه فى سعادة فأبتسم شوكت وربت على رأسه وهو يوجه سؤاله لسحر : ويوسف موافق كمان بس هنعمل أيه ممكن تقوليلى ؟؟ نظرت إليه وقد فهمت السؤال ماذا سيكون وضع يوسف لو تزوجت من حسن من سيقوم بالأهتمام بيوسف ويقوم برعايته وسقط فى يدها وتحولت الفرحة لتفكير عميق فهى من المستحيل أن تتخلى عن يوسف ولا عن أبيها ولا تستطيع أن تفرض هذا الوضع المتشابك على حسن أيضاً ...... وساد الصمت والتفكير وهى لا تجد للأمر حل وماذا ستفعل فهى أيضاً لا تستطيع التخلى عن حبها له .. بعد هذا العمر من الرفض لمشاعر الحب والأرتباط وبعد أن وجدت الحب الذى كانت طوال حياتها تحلم به .. حب ربطهما معاً فى قدر واحد ومصير واحد حتى أصبح يوسف جزءاً من هذا الحب بل وولد بينهما رابطاً قلما يتولد بين شخصين حتى ولو عاشا معاً لسنوات طويلة وأعوام عديدة بل قد يصيب هؤلاء الملل من حياتهم أحياناً فيكون الأنفصال هو الحل الذى يلجؤن إليه بعد كل هذا الحب وبعد كل هذا العمر وبعد سنوات العشرة فرغم كل هذا لم تتولد الألفة ولم يتواجد بينهم هذا الرابط الذى نملكه ونحن لم يمضى علينا إلا أقل القليل من العد بألة الزمن العقيمة لكنه الكثير بمقاييس أخرى قد لا نعرفها ولم يتوصل لها العلماء حتى الآن .....
اسراء توقظنى لتخبرنى أن هناك ضيوف بالخارج من زملائى بالجريدة ... لا أجد فى نفسى حاجة لمقابلة أحد لكن لن أستطيع تجاهلهم .. طلبت منها أن تجعل محمد يدخلهم الى الغرفة حتى لا يطيلوا الجلوس ... أنصرفت ودخل محمد ومعه العديد من الزملاء الرجال والنساء لم يكن لدى شعر لأمشطه فقط فركت عيناى لأزيل عنهما آثار النوم .. ذهب محمد وأحضر الكراسى من السفرة وتحلق الزملاء حول فراشى للأطمئنان على وأنا أرد على الأسئلة بأقتضاب فأنا صحفى وأعرف معنى أننى وسط هذا الجمع من الصحفيين الذين يبحثون عن كل تفصيلة ولو تافهة ... وأخيراً بعد ساعة ونصف من التحقيقات وحمدلله على سلامتك أنصرفوا ... وتنفست الصعداء وما لبثت ألتقط أنفاسى حتى جاءت الوفود تباعاً حتى أنتصف الليل وقد أرهقنى مقابلة كل هؤلاء وأنا أقص عليهم الحادث بتفاصيله حتى مللت وأصابنى الصداع .. وأخيراً مضى أخر الحضور وبقيت قليلاً بالغرفة راقداً فى فراشى مسنداً رأسى أفكر فيها هل هى بخير ؟؟؟ ولماذا فعل شوكت بيه ما فعل ؟؟ هل تصرفت بجنون ؟؟ نعم لم يكن لائقاً ان أطلبها منه بهذا الشكل وخصوصاً فى وجود والدى رجل العادات والتقاليد والأصول وكبير عائلته ... دخلت أسراء وهى تسألنى إن كنت سأتناول طعامى هنا أم بالخارج ؟؟؟ وعرفت منها أنهم تناولوا الطعام ما عداها فضلت أن تأكل معى ... أبتسمت لها فهى أختى الصغرى أخر العنقود المحببة للجميع وخصوصاً والدى نهضت من السرير ووضعت يدى على كتفها ومشيت معها الى الصالة وانا أداعبها بعبارات مديح وهى تبتسم وتقبل يدى الموضوعة على كتفيها .. وإذ بالحاج عبد العاطى جالس ويبدو أنه كان ينتظرنى هو ووالدتى .. وفى صرامة طلب منى الأنتهاء من الطعام والحضور له فى غرفته ... عن أى طعام تتحدث يا والدى .. هذه الكلمات كفيلة بجعلى أفقد شهيتى من التفكير كيف سأبرر لك كل ما حدث لكن فليكن وقت الطعام بمثابة الفرصة للتفكير ... جلست أتناول الطعام ببطء حتى سألتنى أسراء عن سحر وكيف عرفتها ؟؟؟ أخبرتها أنى سأحكى لها فيما بعد ولكن الآن أحتاج لترتيب أفكارى للأجابة على كل الأسئلة التى سيطرحها والدى ... وشعرت هى بالشفقة على فهى تعرف والدنا وقوة شكيمته وحدته المتناهية أحياناً ... انتهيت من الطعام وتوجهت للغرفة التى يجلس بها أبى وأمى وشعرت وكأننى عدت كطفل صغير مشاغب أرتكب الحماقات وينتظر العقاب جلست على طرف السرير الذى يجلسوا عليه وسألت مدعياً البراءة : خير يا حج .؟؟؟ نظرته الحادة تكاد تحرق وجهى ... اجابنى بإقتضاب : خير إن شاء الله .. عاوزك تفهمنى اللى حصل النهارده والكلام الفاضى اللى بيحصل ده ؟؟؟؟ البداية لا تسر فليكن : عاوز تفهم أيه بالظبط عشان أنا تعبان والله العظيم ؟؟؟ بابتسامة متهكمة : تعبان لازم تكون تعبان !! أمى بحنان تحاول تلطيف الموقف : مين يا ولدى الناس دول اللى طلبت بتهم وأيه وضعهم فهم أبوك ؟؟؟ ينهرها أبى أن تصمت وتتركنى أتكلم .... لا أعرف كيف أبدأ ولا من أين أبدأ فأنا حقيقة لا أدرى ... فأحببت أن أبدء من النقطة التى ستهون الأمر قليلاً بالطبع لن أذكر شيئ عن يوسف فلن يستوعب أبى ما أحكيه ولن أحكى عن سحر حتى لا يظن غير ما هو واضح وهو أننى متيم بها فليكن : شوكت بيه دا راجل مستشار على المعاش وكان فى التفتيش القضائى قبل المعاش أتعرفت بيه بالصدفة عن طريق الشغل وتحولت لعلاقة اسرية لأنى ساعدته كان حفيده تعب فجأة وأنا اللى أتصرفت ووديته المستشفى ووقفت جنبهم لغاية ما خف ومن وقتها وهو بيعتبرنى زى أبنه بس .....
أمى : على كده الواد الصغير دا ولد بته وهى أرملة ولا مطلقة ؟؟؟؟ فهمت ما يعتقده أبى وأمى أجبت سريعاً : لا دى ولا دى دا أبن أختها هى لسه آنسة متجوزتش أساساً بس والدته توفت وهى بتربيه بس ...
شعرت بالأرتياح فى ملامحهما وبادرنى أبى : وفين ابوه مات هوا كمان ؟؟ اجيبه : لا بس هوا اتجوز بعد بنتهم فرفضوا الولد يكون معاه وفضلوا يتولوا تربيته ...
أمى : وهى بتشتغل ايه ؟؟؟ هذه الأجابة فى صالحى بالتأكيد : مبتشتغلش حاجة هما ظروفهم المادية كويسة ومش محتاجة تشتغل .... شعرت بارتياح ينطبع على ملامحهما وأبى يبرم فى شاربه وهو يبحث عن أسئلة وأسند رأسه للسرير متكئا على يده اليسرى ويده الأخرى على ركبته اليمنى المستقرة فى أنثناء لأعلى : وانت أيه علاقتك بيها شايف ما بينكم حاجات كده وكلام ونظرات ؟؟؟!! أنا فى أندفاع وبلا شعور : أنا بحبها وعاوز أتجوزها بحلال ربنا ايه المانع يا حج مش كل شوية تبعتولى عاوزينى أتجوز ؟؟ يعتدل أبى : عاوزينك تتجوز من ناسنا من اللى يعرفوا عادتنا وتقاليدنا مش اللى لابسين المحزق والملزق وعينهم بجحة ؟؟؟؟؟ شعرت أن الكلام يضرم فى عقلى وقلبى ناراً انه يقصدها هى فهببت واقفاً غير عابئ بشيئ : دى اللى أنا عاوزها ومش هتجوز غيرها ولعلم حضرتك دول ناس قمة فى الأحترام والتربية بس دى البيئة والمحيط المجتمعى اللى أتربت فيه مش هتلبس ملس عشان تعجبكم يعنى ؟؟ صدم والدى من حدتى فى الرد وفوجئت به يخبرنى انه غير موافق على هذا الزواج ولأول مرة أكون بهذه الحدة لكن أن أفقدها هذا هو المستحيل بعينه وتملكت جسدى الرعشة مرة أخرى يبدو أنها من الأعراض الجانبية للجراحة التى أجريتها فهذه المرة الثالثة التى تنتابنى اليوم وأنهرت على السرير وأنا أطأطأ رأسى محاولاً تمالك نفسى وأنا أخبرهم بصوت مرتعش وأنا أضغط على كل حرف فيه تأكيداً على تمام قصده : وأنا مش هتجوز غيرها أبداً ... ثار والدى وأنفعل وصار صوته عالياً إلا اننى لم أكن أسمع حرفاً واحداً مما يقول وهرع محمد واسراء للغرفة يتساءلون عن سبب ثورة أبى وهو ما زال يرعد ويتوعد وأنا كانت الرعشة تتآكلنى حتى وكأنى سأذهب فى غيبوبة ما وشعرت أمى بهذا من أهتزاز السرير الشديد فقامت تحتضنى وتطلب من والدى السكوت وهى تسألنى عما ألم بى وانا لا أستطيع نطق حرف واحد فقد أصبحت أسنانى تصطك فى صرير مزعج وانا أحاول السيطرة على ما يحدث لى دون جدوى وانهار جسدى وساد ظلام دامس .....
سحر تجلس بغرفتها وتلعب هى ويوسف فى سعادة وكل ما يشغل تفكيرها هو يوسف هل سيقبل حسن به فى حياتهم ويوسف يخبرها أن حسن يحبه ولا يشغلها هذا الأمر فهو واثق من ذلك وهو تتمنى فى نفسها أن يكون هذا صحيحاً وإلا ماذا ستفعل وتدور فى مخيلتها مئات الصور والتخيلات ماذا لو وافق حسن وعاشوا جميعاً هنا مع والدها أيضاً هل هذا كثير أو يعيشوا جميعهم عنده ... المهم أن يكونوا معاً هى وحسن ويوسف ووالدها غير مهم المكان ... وتشعر بأن الأمر ممكن لا يوجد مستحيل ... تلاحظ يوسف يطرق قليلاً وتبدأ ملامحه فى التغير من الأبتسام للوجوم والعبس وتضع يدها على وجهه فتشعر بارتفاع فى حرارته ورعشة خفيفة فى جسده تحتضنه وهى لا تعرف ما أصابه فتحمله وتجرى الى غرفة والدها الغارق فى النوم وتوقظه وتجلس بيوسف على السرير وشوكت فى حيرة مما يحدث يحاول القيام لكن جسده لا يقوى على النهوض فيتحامل على نفسه ويحضر بعض الماء يسكبه على وجه يوسف ويسألها ما الذى حدث له ؟؟ هى لا تدرى حقيقة ما الذى حدث ... والرعشة تزيد شيئاً فشيئاً وهم فى أرتباك شديد خرج شوكت ليتصل بالاسعاف أو بطبيب وقد نسى أن الهاتف بجوار السرير من شدة أرتباكه .. وفجأة يتوقف جسده عن الأرتعاش وهو ينظر لسحر ويخبرها أن حسن هو من يعانى من هذه الأعراض تنادى على والدها وتخبره بما يقوله يوسف فيقف متردداً لن يستطيعوا الذهاب والأطمئنان عليه فى هذا الوقت ولكن يستطيع الأتصال ويتحرك ليحضر الهاتف من جانب الفراش ويجلس ليتمالك أعصابه ويتصل لكن دون رد وينظر الى الساعة فقد تخطت الواحدة والنصف مساءاً ربما لا يجدر به الأتصال مرة أخرى لكن سحر تأخذ الهاتف من يده وتتصل لكن لا رد مرة أخرى ... تنظر ليوسف متسائلة هل من الممكن استخدام طريقتهم فى التواصل معه .. يؤكد على ما تفكر فيه ... وهى تشجعه لدينا هاتفنا الخاص بنا لا يحتاج الى موجات ولا أسلاك ولا أى شيئ ... وتطلب من والدها الرجوع للنوم فيسألها ماذا ستفعل فتخبره لا شيئ ... ينظر لها شوكت فى حيرة وقلق لكنه يطلب منها عدم التصرف بجنون وترك الأمر حتى الصباح .. تطمئنه وهى تريحه فى سريره لينام وتأخذ يوسف وتذهب لغرفتها ويجلسوا على السرير .. فلنقم بهذا معاً ...
فى وسط الظلام الضوء المتضآل يتلاعب فى حركة فوضوية وأنا أطارده بعينى كهر يطارد نقطة من شعاع الليزر ... يكبر الضوء شيئاً فشيئاً ويتسع حتى يصبح باباً ينفتح حتى يصبح باباً من نور .. تركض سحر وبيدها يوسف ويقتربوا منى وأنا ساكن ممدد على رخام رطب أنظر إليهم فى شيئ من الذهول والسعادة .... يجلسوا الى جوارى تمسك سحر يدى وتقبلها وتضمها لوجهها ويوسف يجثو على صدرى يحتضننى فأضمه بيدى الأخرى وأسألهم عن هذا المكان الذى نحن فيه ؟؟ فيخبرونى أنهم معى مهما يكن المكان لكن على القيام معهم ... أعتدل من رقادى وأجلس نصف جلسة ولكنى أشعر بدوار فتضم سحر رأسى لصدرها كى لا تميل للخلف ... نعم هو عبقها ... أنظر لها فى تساؤل هل أنتم معى حقيقة أم أننى أحلم ؟؟؟؟ يبتسم يوسف وهو يخبرنى أنهم معى ولكن علينا جميعا الخروج من هنا .. يجب أن أفيق .. لماذا ؟؟؟ فلنظل هنا ... وأنتما معى أشعر بأننى لا أحتاج لشيئ .... تقبل سحر رأسى الصلعاء وخدى ... يجب أن تفعل هذا من أجلنا فنحن أتينا من أجلك .. ولكننى أريد البقاء معكم .. يحتضنوننى ويحملونى لأقف .. هيا عليك الذهاب الآن ليس هذا المكان المناسب لنظل فيه هناك مكان سيضمنا لكنه ليس هنا .. هنا عالم الظلام فلتخرج الى عالم النوروستجدنا ... سننتظرك والآن عليك الخروج من هذا الظلام ..
أفتح عينى لأجد ضوء الغرفة فى عينى فأغمضها مرة أخرى وأسمع صوت يخبرهم أننى بخير فأرفع يدى أمام عينى لأحجب الضوء الساطع وأنظر لأجد أسرتى ملتفة حولى وشخص يضع سماعة طبية فى عنقه يقف وهو يكتب على ورقة بيده ... تذكرت ماذا حدث وأغمضت عينى أبحث عنهما دون جدوى فلقد تركانى ... جلست أمى بجانبى وأمسكت بيدى وهى تبكى وتسألنى عن حالى ؟؟؟ أطمئنها أننى بخير تحتضنى وهى تسألنى بعفوية : قلى يا ولدى عشان أساعدك يوسف ده ولدك ولا ايه الحكاية انت مبطلتش تنادى عليه هو وسحر دى !!! عرفنى يا ولدى ليكونوا عملينك عمل ولا سحر نشوف فيك ايه فهمنى يا حبيبى ؟؟؟!! أبتسم لأمى وأطمئنها : مفيش حاجة من الكلام ده أطمنى .. أمى بتشكك : يا ولدى هو انا هتوه عنك أنتا حالك مقلوب خالص وحاسة فى حاجة فيك مخبيها عليا ... قلى يا حبيبى ريح قلبى ؟؟؟ كل ما حدث أننى أحببت ولكنى أعرف أنك لن تفهمى هذا يا أمى فعفويتك وطيبتك لن تصلا بك حد فهم هذا الأمر .... يدخل أبى من الباب وهو ينظر لى نظرة مشفقة لأول مرة أراها فى حياتى ترتسم على وجهه فهو يتقن أخفاء مشاعر الحب والعطف والحنان خلف صرامته المعهودة التى صارت جزءاً من وجهه ... يطلب من أمى أن تتركنى أرتاح فتربت على كتفى وتذهب خلف أبى ... أما أنا فقد قررت الذهاب خلفهما فى عالمنا البرزخى حيث وعدانى انهم سينتظروننى فى عالم النور ... عالم تتلاقى فيه الأرواح المتآلفة فقط ... عالم سرى لن تستوعبه العقول وربما اتهمنا البشر من حولنا بالجنون لمجرد التلميح الى مثل هذا العالم .. ووجدته .. باب النور الذى جاءا منه ودخلته لأجدهما بانتظارى وعلى وجوههم أبتسامة المترقب الموقن بالوصول .. انا وهى ويوسف فى عالمنا الخاص بعيداً عن عبث الدنيا ومادياتها التى قتلت وأجتزأت الكثير من مشاعرنا وجعلتها شيئاً من العدم وألقت بظلامها على أرواحنا النورانية لنقبع تحت ثقل طبيعة أجسادنا الطينية المهترئة العفنة ...
فى الصباح تهزنى يد قاسية أعرفها جيداً وصوت أجش قوى يطلب منى الأستيقاظ .. نعم أنه أبى فلا أحد يجرؤ على إيقاظى بهذه الطريقة غيره .. يأمرنى أن أبدل ملابسى لننزل معاً لزيارة آل البيت والمشايخ ... يا ويلى من هذا الصدام الذى لو بدأت فيه لن ينتهى الى يوم القيامة .. فأنا موقن أن التوسل لله يكون بالله ولا يحتاج لوساطة .. الأستعانة به وحده عز وجل .. لكن كيف سأقنعه بهذا فلا كرامة لنبى فى قومه ... قمت وأتصلت بسيارة من التى نستخدمها أحياناً فى العمل حين يكون عددنا كبيراً ... فهى كبيرة ومتسعة وستحتوينا جميعاً دون الأضطرار لتبادل النقاشات فكل منا يستطيع الجلوس فى صف من المقاعد بمفرده ... وتحركنا وانا أسأل أبى عن برنامج الرحلة بشيئ من التهكم المرح .. وفى سرعة أجابنى : سيدنا الحسين وبعده السيدة عيشة والسيدة نفيسة والسيدة زينب والشيخ عزيز .... كنت أجلس بجوار السائق وألتفت الى الخلف حيث يجلس والدى وسألته أين سيجد الشيخ عزيز تحديداً ؟؟؟ فأجاب فى حزم : هوا اللى هيلاقينا !! تعجبت من الرد لكن هذا أيضا من النقاشات المحكوم عليها بالفشل الذريع فالشيخ عزيز هو أحد الدراويش المتجولون بالمساجد والأضرحة والموالد وكل ما يخص هذا العالم من أحتفالات وليس له مكان محدد وهو من قريتنا لكنه لا يذهب اليها الا فيما ندر ... وصلنا حى الأزهر حيث يقبع مسجد الحسين وأبى يصر على دخولى معهم وبالطبع أطيعه لأن لا جدوى من المعارضة .. كما أنى أعرف أنها أحدى أفكار أمى أيقنت هذا منذ اللحظة الأولى .. كانت روحى منتشية من ليلتى السحرية التى قضيناها سوياً انا وسحر ويوسف ولم أكن أريد لشيئ أن يعكر صفوى ... وتكرر الأمر فى كلا المسجدين السيدة عائشة والسيدة نفيسة وأخيرا وصلنا الى السيدة زينب وفى الداخل كان الشيخ عزيز جالساً فى ركن قصى فى المسجد وبيده مسبحة من الكهرمان وهرع أبى وأمى إليه أما أنا فرحت أتجول فى المسجد من الداخل وانا أتأمل النقوش والزخارف والأباريق العملاقة المضيئة المتدلية من سقف المسجد .... ووجدت محمد يشد يدى بلهفة وهو يقول : كلم أبوك عاوزك .. إذا فليكن هم يبحثون عن الشيخ عزيز ليخبرهم أننى مسحور أو ممسوس انا لست أياً من هذا فأنا ببساطة لن تدركها عقولكم عاشق .. فقط عاشق .. ربما مجنون قليلاً لكن أعتقد أن هذا حال العاشقين .. جلست بجوار أبى لكن الشيخ عزيز مد ذراعه يجذبنى لأجلس أمامه فأنصعت كل ما على هو التحمل لبعض دقائق وسينتهى كل هذا .. ووجدته يردد : ما شاء الله تبارك الله ... نظرت الى عينه مباشرة وأطلت النظر لا أعرف لماذا تثبتت عيناي عليه هكذا وهنا كانت المفاجأة التى لم أتوقعها ,,,,,,,,
أنتظرونا فى الحلقة القادمة

انا اعيش في الرواية بكل مشاعري تحفة أدبية ووصف للمشاعر نشتاق اليه
ردحذفسترتفع وتيرة الأحداث
حذفجميلة ومشوقة ف انتظار البقية
ردحذففى الطريق اليكم
حذفجميلة جداااا
ردحذف